امي ومعركة نزع الخناجر الصدئة
يمنات
تكريم نادية
أن يكون الإنسان “طفل أمه المُدلّل” ولو (بلغ من الكِبر عتيّا) فإنه والله رغم جمالية وطرافة الوضع لعناء وكَمد وضمير مسحول على مدار العمر..
هذه أمي البطلة، أمي خارقة القوة والإرادة، أمي التي امتلكت من جمال صفات الرجال شجاعتهم وصلابتهم، ومن جمال صفات النساء عطفهن وصبرهن، فكانت من بين كل الرجال أرجَلَهم، ومن بين كل النساء ألطفهن..
أمي لديها الآن معركتها الوجودية الكبرى، التي تكون فيها أو لا تكون حسب ترديدها الدائم، حملتْ راية قضية عادلة، وها هي بيديها العاريتين تحاول نزع أحد أخبث الخناجر الصدئة المغروزة في خاصرة اليمن منذ مئات السنين، الذي يُدعى: (حرمان المرأة من الميراث)..
تخوض معركة غير متكافئة كحمامة تائهة في وجه أسراب من النسور المسعورة..
كان يجب في هذه المعركة التي تخوضها أمي بأسرها أن يكون طرفها كل نساء اليمن، لأن المعركة تخص كل يمنية بلا استثناء، لكن أمي الخارقة كانت الندّ لوحدها، كانت الفكرة والخطة، وكانت القائد، وكانت الجيش الذي لن يُقهر..
باسمكن يا نساء اليمن، وباسم كل مظلوم ومقهور في هذه البلد المنكوب “نادية يحيى” تخوض معركتكم لوحدها بكل شجاعة وصدق وشموخ..
أنا ابنتها الوحيدة أزاحتني جانباً، رفضتْ وترفض قطعياً أن يكون لي أي دور، أي ظهور أو تدخل ولو بكلمة واحدة في قضيتها ومعركتها “الشخصية” حسب اعتقادها!
حاولت وأحاول أن أثبت لها أنني أصبحت سيدة كبيرة وراشدة تستطيع الوقوف والمجابهة في صفها بشراسة، ولكنها أبت إلا أن تراني طفلتها الصغيرة المدللة التي لن تجعل قسوة الحياة وضراوة البشر تمس شعرة منها..
نعم أبكي لما يجري، نعم ينخر قلبي وعظمي شعور العجز وما يجرّ من شعور بالخزي والسخط على كل شيء حال بيني وبين وقوفي مع أمي خطوة بخطوة، وكلمة بكلمة…. فماذا أفعل..؟؟؟